بسم الله الرحمن الرحيم
اليكم نص خطاب الرئيس مبارك الثالث الإخوة المواطنون ..
الأبناء شباب مصر وشاباتها ..
أتوجه بحديثي اليوم لشباب مصر بميدان التحرير وعلى اتساع أرضها ،
أتوجه إليكم جميعا بحديث من القلب , حديث الأب لأبنائه وبناته ..
أقول لكم إنني أعتز بكم رمزا لجيل مصري جديد
يدعو إلى التغيير إلى الأفضل ويتمسك به ويحلم بالمستقبل ويصنعه .
أقول لكم قبل كل شئ إن دماء شهدائكم وجرحاكم لن تضيع هدرا
وأؤكد أنني لن أتهاون في معاقبة المتسببين عنها بكل الشدة والحسم
وسأحاسب الذين أجرموا في حق شبابنا بأقصى ما تقرره أحكام القانون من عقوبات رادعة ..
وأقول لعائلات هؤلاء الضحايا الأبرياء إنني تألمت كل الألم من أجلهم مثلما تألمتم ..
وأوجع قلبي ما حدث لهم كما أوجع قلوبكم .
أقول لكم إن استجابتي لصوتكم ورسالتكم ومطالبكم هو إلتزام لا رجعة فيه
وإنني عازم كل العزم على الوفاء بما تعهدت به بكل الجدية والصدق
وحريص كل الحرص على تنفيذه دون ارتداد أو عودة إلى الوراء .
إن هذا الالتزام ينطلق من اقتناع أكيد بصدق ونقاء نواياكم وتحرككم
وبأن مطالبكم هي مطالب عادلة ومشروعة ..
فالأخطاء واردة في أي نظام سياسي وفى أي دولة
لكن المهم هو الاعتراف بها وتصحيحها في أسرع وقت ومحاسبة مرتكبيها ..
وأقول لكم إنني كرئيس للجمهورية لا أجد حرجا
أو غضاضة أبدا في الاستماع لشباب بلادي والتجاوب معه
لكن الحرج كل الحرج والعيب كل العيب
ومالم - ولن - أقبله أبدا أن أستمع لإملاءات أجنبية
تأتى من الخارج أيا كان مصدرها وأيا كانت ذرائعها أو مبرراتها .
- الأبناء شباب مصر .. الأخوة المواطنون ..
لقد أعلنت بعبارات لا تحتمل الجدل أو التأويل ..
عدم ترشحي للانتخابات الرئاسية المقبلة .. مكتفيا بما قدمته من عطاء للوطن ..
لأكثر من ستين عاما .. في سنوات الحرب والسلام.
**********
شاهد الفيديو
خطاب مبارك
**********
أعلنت تمسكي بذلك .. وأعلنت تمسكا مماثلا وبذات القدر ..
بالمضي في النهوض بمسئوليتي .. في حماية الدستور ومصالح الشعب ..
حتى يتم تسليم السلطة والمسئولية .. لمن يختاره الناخبون شهر سبتمبر المقبل ..
في انتخابات حرة ونزيهة .. نوفر لها ضمانات الحرية والنزاهة ..
فذلك هو القسم الذي أقسمته أمام الله والوطن .. وسوف أحافظ عليه ..
حتى نبلغ بمصر وشعبها بر الأمان .
لقد طرحت رؤية محددة للخرج من الأزمة الراهنة ..
ولتحقيق ما دعا إليه الشباب والمواطنون ..
بما يحترم الشرعية الدستورية ولا يقوضها ،
وعلى نحو يحقق استقرار مجتمعنا ومطالب أبنائه ..
ويطرح في ذات الوقت إطارا متفقا عليه للانتقال السلمى للسلطة ..
من خلال حوار مسئول بين كافة قوى المجتمع ..
وبأقصى قدر من الصدق والشفافية .
طرحت هذه الرؤية .. ملتزما بمسئوليتي في الخروج بالوطن من هذه الأوقات العصيبة ..
وأتابع المضي في تحقيقها أولا بأول .. بل ساعة بساعة ..
متطلعا لدعم ومساندة كل حريص على مصر وشعبها ..
كى ننجح في تحويلها لواقع ملموس .. وفق توافق وطني عريض ومتسع القاعدة ..
تسهر على ضمان تنفيذه قواتنا المسلحة الباسلة .
لقد بدأنا بالفعل حوارا وطنيا بناء .. يضم شباب مصر الذين قادوا الدعوة إلى التغيير ..
وكافة القوى السياسية .. ولقد أسفر هذا الحوار عن توافق مبدئي في الآراء ..
يضع أقدامنا على بداية الطريق الصحيح للخروج من الأزمة ..
ويتعين مواصلته للانتقال به من الخطوط العريضة لما تم الاتفاق عليه ..
إلى خريطة طريق واضحة وبجدول زمنى محدد ..
تمضى يوما بعد يوم على طريق الانتقال السلمى للسلطة ..
من الآن وحتى سبتمبر المقبل .
إن هذا الحوار الوطني قد تلاقى حول تشكيل ( لجنة دستورية )
تتولى دراسة التعديلات المطلوبة في الدستور
وما تقتضيه من تعديلات تشريعية ، كما تلاقى حول تشكيل ( لجنة للمتابعة )
تتولى متابعة التنفيذ الأمين لما تعهدت به أمام الشعب ..
ولقد حرصت على أن يأتي تشكيل كلتا اللجنتين
من الشخصيات المصرية المشهود لها بالاستقلال والتجرد
ومن فقهاء القانون الدستوري ورجال القضاء .
وفضلا عن ذلك فإنني إزاء ما فقدناه من شهداء من أبناء مصر في أحداث مأساوية حزينة
أوجعت قلوبنا وهزت ضمير الوطن أصدرت تعليماتي بسرعة الانتهاء من التحقيقات
حول أحداث الأسبوع الماضي وإحالة نتائجها على الفور إلى النائب العام
ليتخذ بشأنها ما يلزم من إجراءات قانونية رادعة .
ولقد تلقيت بالأمس التقرير الأول بالتعديلات الدستورية ذات الأولوية المقترحة
من اللجنة التي شكلتها من رجال القضاء
وفقهاء القانون لدراسة التعديلات الدستورية والتشريعية المطلوبة
وإنني تجاوبا مع ما تضمنه تقرير اللجنة
من مقترحات وبمقتضى الصلاحيات المخولة لرئيس الجمهورية
وفق الماده (189) من الدستور فقد تقدمت اليوم بطلب تعديل ست مواد دستورية
هي المواد 76 و77 و88 و93 و189 فضلا عن إلغاء المادة 179 من الدستور
مع تأكيد الاستعداد للتقدم في وقت لاحق بطلب تعديل المواد
التي تنتهى إليها هذه اللجنة الدستورية وفق ما تراه من الدواعي والمبررات .
تستهدف هذه التعديلات ذات الأولوية تيسير شروط الترشح لرئاسة الجمهورية
واعتماد عدد محدد لمدد الرئاسة تحقيقا لتداول السلطة
وتعزيز ضوابط الإشراف على الانتخابات ضمانا لحريتها ونزاهتها ..
كما تؤكد اختصاص القضاء وحده بالفصل في صحة عضوية أعضاء البرلمان
وتعدل شروط وإجراءات طلب تعديل الدستور .
أما الاقتراح بإلغاء المادة 179 من الدستور فإنه يستهدف تحقيق التوازن المطلوب ..
بين حماية الوطن من مخاطر الإرهاب وضمان احترام الحقوق والحريات المدنية للمواطنين ..
بما يفتح الباب أمام إيقاف العمل بقانون الطوارىء فور استعادة الهدوء والاستقرار ..
وتوافر الظروف المواتية لرفع حالة الطوارىء .
- الأخوة المواطنون ..
إن الأولوية الآن هي استعادة الثقة بين المصريين بعضهم البعض ..
والثقة في اقتصادنا وسمعتنا الدولية .. والثقة في أن التغيير والتحمل الذى بدأناه ..
لا ارتداد عنه أو رجعة فيه .
إن مصر تجتاز أوقاتا صعبة ..
لا يصح أن نسمح باستمرارها فيزداد ما ألحقته بنا وباقتصادنا من إضرار وخسائر ..
يوما بعد يوم .. وينتهى بمصر الأمر لأوضاع ..
يصبح معها الشباب الذين دعوا إلى التغيير والإصلاح أول المتضررين منها .
إن اللحظة الراهنة ليست متعلقة بشخصي .. ليست متعلقة بحسني مبارك ..
وإنما بات الأمر متعلقا بمصر ..
في حاضرها ومستقبل أبنائها إن المصريين جميعا في خندق واحد
الآن .. وعلينا أن نواصل الحوار الوطني الذى بدأناه .. بروح الفريق وليس الفرقاء ..
وبعيدا عن الخلاف والتناحر ..
كي نتجاوز بمصر أزمتها الراهنة .. ولنعيد لاقتصادنا الثقة فيه ..
ولمواطنينا الاطمئنان والأمان وللشارع المصري حياته اليومية الطبيعية .
لقد كنت شابا مثل شباب مصر الآن .. عندما تعلمت شرف العسكرية المصرية ..
والولاء للوطن والتضحية من أجله .. أفنيت عمرا دفاعا عن أرضه وسيادته ..
شهدت حروبه بهزائمها وانتصاراتها ..
عشت أيام الانكسار والاحتلال وأيام العبور والنصر والتحرير ..
اسعد أيام حياتي يوم رفعت علم مصر فوق سيناء ..
واجهت الموت مرات عديدة .. طيارا .. وفى ( أديس أبابا ) وغير ذلك كثير ..
لم أخضع يوما لضغوط أجنبية أو إملاءات .. حافظت على السلام ..
عملت من أجل أمن مصر واستقرارها .. اجتهدت من أجل نهضتها ومن أجل أبنائها ..
لم أسع يوما لسلطة أو شعبية زائفة ..
أثق أن الأغلبية الكاسحة من أبناء الشعب يعرفون من هو حسنى مبارك ..
ويحز في نفسى ما ألاقيه اليوم من بعض بني وطني .
وعلى أية حال .. فإنني إذ أعي تماما خطورة المفترق الصعب الحالي ..
واقتناعا من جانبي بأن مصر تجتاز لحظة فارقة في تاريخها ..
تفرض علينا جميعا تغليب المصلحة العليا للوطن ..
وأن نضع مصر أولا .. فوق أي اعتبار وكل اعتبار آخر ..
فقد رأيت تفويض نائب رئيس الجمهورية ..
في اختصاصات رئيس الجمهورية .. على النحو الذى يحدده الدستور .
إنني أعلم علم اليقين أن مصر سوف تتجاوز أزمتها .. لن تنكسر إرادة شعبها ..
ستقف على أقدامها من جديد .. بصدق وإخلاص أبنائها .. كل أبنائها ..
وسترد كيد الكائدين وشماتة الشامتين .
سنثبت نحن المصريين .. قدرتنا على تحقيق مطالب الشعب ..
بالحوار المتحضر والواعي ..
سنثبت أننا لسنا أتباعا لأحد .. ولا نأخذ تعليمات من أحد ..
وأن أحدا لا يصنع لنا قراراتنا .. سوى نبض الشارع ومطالب أبناء الوطن .
سنثبت ذلك بروح وعزم المصريين .. وبوحدة وتماسك هذا الشعب ..
وبتمسكنا بعزة مصر وكرامتها وهويتها الفريدة والخالدة ..
فهي أساس وجودنا وجوهره .. لأكثر من سبعة آلاف عام .
ستعيش هذه الروح فينا مادامت مصر ودام شعبها ..
ستعيش في كل واحد من فلاحينا وعمالنا ومثقفينا ..
ستبقى في قلوب شيوخنا وشبابنا وأطفالنا .. مسلميهم وأقباطهم ..
وفى عقول وضمائر من لم يولد بعد من أبنائنا .
أقول من جديد .. أنني عشت من أجل هذه الوطن .. حافظا لمسئوليته وأمانته ..
وستظل مصر هى الباقية فوق الأشخاص وفوق الجميع ..
ستبقى حتى أسلم أمانتها ورايتها ..
هى الهدف والغاية .. والمسئولية والواجب .. بداية العمر ومشواره ومنتهاه ..
وأرض المحيا والممات وستظل بلدا عزيزا .. لايفارقنى أو أفارقه ..
حتى يواريني ترابه وثراه .
وستظل شعبا كريما .. يبقى أبد الدهر مرفوع الرأس والراية ..
موفور العزة والكرامة .
حفظ الله مصر بلدا آمنا ..
ورعى شعبه وسدد على الطريق خطاه .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .